الاثنين، 20 يناير 2020





بين باب الجابية وباب سريجة والباب الصغير
من زاوبة شرفة الياسمبن

مقالتي المنشورة في جريدة "الوطن " الصادرة في مسيسياغ - تورنتو - بكندا بالعدد رقم 318 وبتاريخ 03 / 05 / 2019 وبالصفحة رقم11 

 وهذا نص المقال في حال تعذروضوح الصورة وشكرا لمن يقرأه :
بين باب الجابية وباب سريجة والباب الصغير
باب الجابية أحد أبواب دمشق السبعة المشهورة  ، وشهد هذا الباب إختيار مروان إبن الحكم لخلافة الدولة الأموية ، ولازال رغم السنين الطوال التي مرت على دمشق يحتل موقعا حيويا بشريا وعمرانيا وتجاريا ويشكل عقد إتصالات مع مناطق عديدة تعتبر روح الحياة الشعبية الشامية .
 السوق الضيق الممتد من باب الجابية حتى باب سريجة ، تتلاصق فيه الدكاكين بمساحات صغيرة غالبا ، التي تبيع مختلف أصناف مواد البقالة ، ومحلات صناعة الحلويات وأفران المخبوزات ، ويغص بالناس الذي يبحثون عن السلع المعاشية الضرورية بسعر معتدل وفي سوق واحد .
مايكاد المتجول الوصول لنهاية السوق حتى يواجه بفسحة عريضة مضيئة ومحلات بمساحات واسعة تعرض بضائعها من المواد الغذائية كالأجبان والألبان واللحوم والأسماك والخضراوات والفواكه ، ضمن واجهات مبردة مغطاة بالزجاج محافظة على النظافة ، وبدلا من السوق الضيق والأزقة الواصلة إليه ، فهذا السوق العريض منفتح على شوارع جانبية مزدحمة حيث يتقاطع مع شارع خالد إبن الوليد.
بالعودة لباب الجابية ستجد مقابلك جامع سنان باشا بجدرانه المميزة بالرخام الأبيض والأسود وبجانبه الأسواق التجارية القديمة المختصة مثل سوق الصوف وسوق البرغل والشماعيين  ، ووبجوارها نشأت مستودعات و أسواق جديدة غالبيتها محلات بيع الألبسة والمنسوجات هي عبارة عن حارات ضيقة وأبنية طينية قديمة لم تعد تصلح للسكن الحديث ومرورالسيارات  ووسائل النقل فتحولت لموقعها التجاري وتواصلها مع سوق مدحت باشا ، إلى أسواق شعبية بالجملة والمفرق إختصرت بتعبير " سوق الصوف " الذي ينافس أسواق  الجملة الحديثة .
في نهاية سوق الصوف سيجد المتجول نفسه بجانب شاهد أثري هام وهو" الباب الصغير " الذي لازال قائما ومفتوحا على مصراعيه ، ضمن سوق الدقاقين العريق  الذي يتقاطع مع سوق مدحت باشا بالشارع المستقيم . وبجانب الباب محلات ومخازن كبيرة لتجارة الجملة في الزيوت والسمون ومشتقاتها ومكاتب لشحن البضائع بين المحافظات .
وفي هذا المكان فإن المتجول سيجد نفسه في وسط شبكة متواصلة من الأزقة الضيقة الموصلة إلى الحارات الدمشقية القديمة والحديثة مثل إبن عساكر وحي الشاغور وحي الميدان وباب مصلى والمقبرة  وباب شرقي وحارة اليهود  وغيرها .
وفي تجوالك بهذه الأسواق بين تلك الأبواب ، لن تجد وجوها عابسة رغم كل ضغوطات الحياة التي يعانيها المواطن السوري ، ولن تجد تجهما وجشعا في وجوه أصحاب الدكاكين ، بل غالبا إبتسامة خفيفة وألفاظ لطيفة ، فلو سألت أي واحد منهم عن سلعة ما سيقول إن لم تتوفرلديه : بتلاقيها عند جاري على بعد خامس دكان مثلا ، تلك هي الروح والنفسية الشامية التي تلاقت مع كثير من الغزاة ، ولكن بدلا من إخضاعها وإذلالها فإنهم عادوا لبلادهم يحملون أسماؤها ودينها .

محســـــــــــــن القطمــــــــــــه                مسيسياغا – تورنتو – كندا في 31 / 03 / 2019 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  يكمن سر "القصص العظيمة" في عدم وجود أسرار فيها. "القصص العظيمة" هي القصص التي سمعتها وتريد الاستماع إليها مرة أخرى. تل...