الأحد، 29 مارس 2020




جائحة كورونا والدول العظمى
===================
وعلــى نفســــها جنــت براقش
======================








دخل العالم أثناء و بعد الحرب العالمية الثانية في موجة من سباق التسلح في الأرض والجو وغزو الفضاء وخاصة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الإشتراكي بزعامة الإتحاد السوفياتي ، شملت كافة صنوف الأسلحة بمافيها أسلحة الدمار الشامل النووية والبيولوجية بل وشملت العديد من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا ، وإستمرت هذه الموجة حتى بعد سقوط الإتحاد السوفياتي السابق وتبعثر الدول التابعة له .وصارت الدول والشعوب الصغيرة مخبر تجارب للقوة التدميرية لأسلحة هذه الدولة أوتلك كما جرى في أفغانستان منذ عام ١٩٧٩ وحتى وقت قريب،وماحدث في العراق وسوريا والصومال وليبيا .

تطلبت موجة التنافس على إقتناء مجرة الأسلحة التدميرية وتحديثها وتجربتها مبالغ فلكية من النفقات المقتطعة من ميزانيات تلك الدول على حساب البنود الأخرى ذات الطابع المعيشي مثل الصحة والتعليم والتربية البدنية والبنية التحتية وخصوصا الصرف الصحي والتربة وتحسين الزراعة والري وكثير من مستلزمات الحياة . وبنفس الوقت تم التغاضي عن الفساد في الإدارات المدنية وتبذير الأموال حتى بالدول الصغيرة على المنشآت غير الإنتاجية وتعظيمها في الرياضة والسياحة ودور العبادة وصالات الترفيه وذلك على حساب التأهيل الصحي والتربوي ، ونظرة سريعة على ميزانيات معظم دول العالم لنجد أن نفقات الرعاية الصحية والتربوية والبنية التحتية والمياه العذبة تأخذ نسبة متواضعة بالمقارنة بما يسمى "ميزانية الدفاع "
وفجأة تجد دول العالم  نفسها وخاصة الدول العظمى أمام عدو صامت غير مرئي يجتاح أراضيها ويقتل شعبها بل وحكامها وهي عاجزة عن القيام بأدنى واجباتها بالإهتمام بصحة مواطنيها ،ولم تنفعها تبجحات قادتها بإمتلاك المساحات الواسعة وملايين العساكر و الصواريخ العابرة للقارات و لاحاملات الطائرات والمدمرات والغواصات وووكثير من تلك الأسلحة التي لم يستطيعوا الأستفادة من إطلاق رصاصة واحدة نحو ذلك العدو .
 في هذه الحرب الكونية الحقيقية أمام عدو إسمه لايحمل الفخفخة ولا التكبر والفوقية " كورونا " وبدون لون أو طعم أورائحة ، فإن قادة العالم لم يهرعوا نحو مخازن الأسلحة الثقيلة ولكنهم أسرعوا باللجوء لمخازن الأدوية والمصول ، ولم يستفيدوا من جنرالات الجيش بل من الأطباء وعلماء المخابر ولم يحتاجوا للجنود المدججين بل إلى  طاقم التمريض ذكورا وإناثا ممن أقبلوا على التضحية بدون مارشات عسكرية بل بدوافع إنسانية وأعظم قرار إتخذه الجنرالات هو "منع التجول "
نعم صحت دول العالم جميعها أنها بحاجة للكمامة الواقية أكثر من البندقية القاتلة ، ولممرضة مسؤولة عن إعالة أسرة أكثر من جندي قاتل ،ولطبيب إنساني أكثر من ضابط حربجي ، ولسرير أو جهاز تنفس أكثر من طائرة أو دبابة والأهم أن جميع الدول بدت متخلفة ومقصرة في بناء المشافي والمستوصفات والكليات والمعاهد والمخابر والكادرات الطبية عموما . 
 نعم " وعلى نفسها جنت براقش " حين فضّلت الدول مخازن الأسلحة بدلا من المشافي ، فهل تصحى براقش تلك الدول وخاصة العظمى أو من تتشبه بالعظمى من غفلتها، وهل يستطيع منظروا  الأديولجيات أن يستوعبوا أن الإنتصار على الجائحة هو بإبتكار المصول والدواء وليست بشراء سندات البورصة العالمية أو الأدعية والإستغفار.



































  يكمن سر "القصص العظيمة" في عدم وجود أسرار فيها. "القصص العظيمة" هي القصص التي سمعتها وتريد الاستماع إليها مرة أخرى. تل...